هو الجثث بتتكلم ؟ ، هل تتصور فى يوم ان
ممكن جثة تديك اشارة او تتكلم معاك و تقولك
عن حقيقة عمرك ما كنت تتصورها ، مش عارف
ابدأ الحكاية منين لكن كل اللى اقدر اقوله ان
الجثة ديه حلت لغز كبير فى جريمة قتل محدش
كان يعرف مين اللى قتلها ، انا اسمى رحيم
السيوفى طبيب شرعى فى مشرحة حلوان الموضوع
ابتدا لما اشرف المساعد بتاعى دخل عليا و قالى
ان فى قضية هيحصل فيها عملية استخراج و
عمليه استخراج ديه يعنى هيتم استخراج الجثث
من المقابر و معاينتهم و تشريحهم فى المشرحة
سالته وقتها ايه هى القضية ديه ، قالى ان القضية
ديه عبارة عن جثة سيدة فى منتصف الخمسينات
تم دفنها من يومين و بعد اليومين دول حصل
ملابسات جديدة فى القضية على اثرها هيتم
استخراج الجثة مرة تانية و هيجبوها المشرحة
و هيتم تشرحيها ، سالته ايه هى الملابسات ديه ،
قالى ، ان بنتها بتتهم شقيقها ان هو اللى قتل
امه و بتقول ان شقيقها كان متعسر جدا و عنده
مشاكل كتير فى شغله و مديون من طوب الارض
عشان كده قتلها بالسم عشان يورثها بسرعة
و يحل مشاكله ، قلت له تمام و اخدت منه
ملف القضية و فضلت اقرأ فيه ، و انا بقرا
ملف القضية لاحظت حاجات كتير غريبة ، اولا
الام ماتت نتيجة هبوط حاد فى الدورة الدموية ،
ثانيا ان الابن اللى متهم بقتل امه ده شغال
صيدلى فى احدى شركات الادوية الكبيرة و ديه
لوحدها معلومة مهمة جدا و ده لانه لو فعلا
قتلها يبقى حقنها بمخدر او بحاجة سببت لها
هبوط فى الدورة الدموية ، ثالت حاجة مهمة
لاحظتها ان اصلا كان فى مشاكل كتيرة بين
الاخ و الاخت و ان الاخت من سنتين قدمت
بلاغ ضد اخوها بأنه فتح لها راسها ست غرز
فى مشاجرة بينهم و حصل تصالح و اتنازلت
الاخت عن القضية بعد اصرار الام على كده ،
رابع معلومة مهمة ان الاب مات من سنتين
بنفس الطريقة اللى ماتت بيها الام و هى هبوط
فى الدورة الدموية ، بعد ما قريت الملف اتصلت
بالجهات المسئولة عن القضية ديه عشان اعرف
الملابسات الجديدة و الحكاية من الاول للاخر ،
” الو ، ازى حضرتك يا عصام باشا ؟ “
” اهلا يا دكتور رحيم ، قريت ملف القضية “
” اه و كذا حاجة مهمة لاحظتها و مش عارف
ليه قلبى حاسس ان الواد فعلا قتل امه و ان
الاتهام ده مش باطل “
” و انا كذلك ، و انا بحقق مع الواد اللى اسمه
عادل لاحظت اضطراب فى كلامه و انه متوتر
جدا ده غير ان فى جرح فى ايده طول اكتر
من ٥ سنتى و لما سالته ايه الجرح ده قالى
انه كان بيتخانق مع اخته بعد الدفنة و هى
فضلت ماسكة ايده و بتخربشه و الناس بعدها
حاشت ما بينهم ، على العموم انا هبعت لك
الواد تأخد عينة دى ان ايه من الجرح ده
و تشوف لو فعلا كان لأخته و لا امه ،
و لو طلع لامه ده معناها حاجة واحدة بس
انها كانت بتقاومه قبل ما يقتلها “
” طبعا ، و انا برضوه هحاول احقق معاه
و اعرف تفاصيل اكتر ، على العموم امتى
هيتم استخراج الجثة “
” الساعة ستة بأذن الله الجثة هتكون عندك “
” معلش يا سيادة العقيد انا مش عايز جثة
الام بس انا عايز جثة الاب كمان “
” ايه طب و هتعمل ايه بجثة الاب ؟ “
” فى دماغى حاجة كده لو طلعت صح يبقى
حليت لغزين مش لغز واحد بس “
” تمام ، هبعت لك الجثتين “
اقفلت مكالمتى مع العقيد عصام و انا منتظر
بفارغ الصبر انى اشوف الولد المتهم و اعرف
منه التفاصيل و الاحداث و فعلا جاه و معاه
عسكرى ، هو مش محبوس لا على ذمة قضية
و لا مسجون هو بس موجه له اتهام عادى ممكن
يطلع غلط و ممكن يطلع صح عشان كده هو
مش محطوط فى ايده كلبشات ،
” اتفضل اقعد “
قلتها له و انا بقرا فى ملف القضية للمرة التانية
و هو فعلا قعد على الكرسى اللى ادامى و هو
بيبص لى بعمق
” هى والدتك كان عندها ايه ؟ “
” مش فاهم “
” قصدى ايه سبب الوفاة “
” كان هبوط حاد فى الدورة الدموية زى
ما هو مكتوب عندك فى التقرير كده “
” طب ما انا عارف انه هبوط حاد انا قصدى
ايه اللى سبب لها كده “
” هى كانت مناعتها ضعيفة جدا و هى كان
عندها السكر و جالها دور برد و سخونية و العلاج
مجابش معاها نتيجة “
” حلو و انت بقى سبتها كده “
” لا طبعا حاولت اعالجها حضرتك انا دكتور
صيدلى قبل كل حاجة “
” طيب اديتها ايه ؟ “
” بروفين ، بنادول ، سيفوتكس ، حاجات زى كده “
” حقن و لا اقراص “
” مش فاهم قصدك ايه بالسؤال ده “
جدا “
” لا انا فاهم الغرض من السؤال انت تقصد
ان انا حقنتها بحاجة ادت لوفاتها “
” انا سؤالى تلقائى و عادى مفيهوش تحوير
الدوا كان اقراص و لا حقن “
” كان حقن يا دكتور “
” حلو ، طب الجرح اللى فى ايدك ده ايه “
” ديه كانت خناقة مع مريم اختى “
” ايه سبب الخناقة ؟ “
” اختى كده طول عمرها كده ، مش عارف ايه
اللى حصلها من ساعة موضوع الثانوية العامة
ده “
” ايه اللى حصلها ؟ “
” كانت بتحب شاب معها فى الثانوية العامة
و راح عشان يتقدم لها و انا و ابويا رفضنه و من
ساعتها بقت تخرج معه من ورانا لحد ما حصل
اللى حصل “
” حصل ايه “
” فى يوم لقينا ظابط فى قسم الشرطة
بيتصل بيا و يقولنا ان اختى و الواد اللى
معاها ظبطتهم فى وضع مخل فى شقة
مفروشة و المشكلة ان كان معاهم بنات
كتير و ولاد كتير و كلهم فى اوضاع
مخلة يعنى الموضوع فضيحة و قضية
كبيرة ، قضية شبكة دعارة و بعد محاولات
كتيرة افرجوا عنها و امى عملت المستحيل
عشان الشاب ده يتجوزها بعد الفضيحة لدرجة
انها وطت على رجله عشان تبوسها لكن هو
رفض و من ساعتها و هى عايشة فى بيت
و احنا عايشين فى بيت تانى و لما تيجى
البيت عندنا بيركبها الجنونة و تعمل مشاكل
ملهاش اول من الاخر لدرجة انها فى مرة
مسكت طبق و نزلت بيه على رأس ابويا
و دماغه اتخيطت اربع غرز ، كل ده عشان
قالها انها فضحته “
” مين كان عايش مع والدتك لحد ماتت ؟ “
” انا “
” طب و اختك “
” لا مجتش غير مرة او مرتين و حتى لما
تيجى مكنتش بتبص لى و لا تعبرنى ، كانت
حاسة انى انا السبب انا و ابويا عشان رفضنا
الواد اللى كانت بتحبه ، كانت بتيجى عشان
امى تتطمن عليها و خلاص فأكيد هتتهمنى
بالقتل “
” هى قالت انك مديون و قتلت امك عشان
تورثها بعد ما الوالد كتب كل حاجة بأسمها بعد
ما مات “
” انا منكرش ان عندى مشاكل كبيرة فى شغلى
و علينا كمبيالات و وصلات لكن ان يوصل الموضوع انى اقتل امى ده طبعا مستحيل ،
انا فعلا رحت لها و طلبت منها سلفة كبيرة
و هى رفضت و عملت معاها خناقة كبيرة
و اختى كانت موجودة وقتها فى البيت لكن
بعد يومين صالحتها و عدى الموضوع “
” هو كان فى بلاع متقدم من اختك بتقول انك
فتحت لها دماغها و تم التنازل عن البلاغ “
” فعلا ده حصل لانها كانت دايما تسخن امى
عليا و تقول عليا كلام محصلش ففى لحظة
انفعال عملت كده “
” على العموم يا استاذ عادل انا هاخد عينة
من دمك و عينة من الجرح اللى فى ايدك
و اشوف لو كان لأمك و لا لأختك “
قلت له كده و اخدت العينة من دمه و فحصت
الحمض النووى للجرح اللى فى ايده و سبته
يمشى ، الساعة ستة بالظبط جات الجثتين
بتوع الاب و الام ، اول حاجة عملتها انى
اخدت جثة الاب و شيلت من عليها الكفن
و حطتها على ترابيزة التشريح و بدات اشوف
شغلى ، طبعا الجثة كانت ميتة من سنين
و كانت عبارة عن هيكل عظمى ، بدأت افحص
الجثة و بدات افرز العظام بتاعتها واحدة واحدة
واضح انها عظام لذكر مات فى العقد السادس
من العمر مر عليها سنتين فعليا ، اخدت العينات
المعتادة اللى المفروض اعملها فى اى حالة شبه
ديه ، اخدت جزء من العظم عشان لو احتجنا نعمل
دى ان ايه و عملت لها فحص كيميائى عشان اعرف
هى فيها مواد سامة و مخدرة و لا لا ، بعد كده
فتحت جثة الست اللى كانت فى حالة غريبة جدا
اول ما شيلت الكفن من عليها لاحظت ان الجثة
بخير ، عارف يعنى ايه كلمة بخير ، معناها ان
الجثة مبدأش عليها اى مظهر من مظاهر التحلل
بالرغم من مضى على وفاتها اكتر من يومين ،
كان وشها ابيض اوى و جبهتها ناصعة البياض
و على وشها علامات الاطمئنان و الرضا و التقوى
عكس الجثث اللى بشرحها كل يوم و اللى بيبان
على وشهم الرعب و الفزع و الخوف ، الشئ
اللى كنت مستغربه جدا هو انها كانت مبتسمة
ايوه كانت مبتسمة ، الابتسامة اللى هى تهون
عليك الدنيا كلها ، مش عارف اول مرة اشوف
جثة بالشكل ده ، بدأت التفت لشغلى و ابدا
اعمله ، لاحظت ان ايد الجثة اليمين كان فيها
ثقوب كتيرة فى اماكن ظهور الوريد ، واضح
انها كانت بتاخد حقن كتيرة ، اول حاجة عملتها
بعد المعاينة النظرية انى اخدت منها عينة دم
و فحصتها كيميائيا و بعد كده سبتها على ترابيزة
التشريح فى انتظار الفحص الكيميائى ، بعد ساعتين
جالى تقرير الفحص الكيمائى و اللى اثبت حاجة
غريبة جدا ، الجثتين كانوا مشبعين بغزارة بمادة
الكورتيزون ، وقتها سالت نفسى ليه مادة الكوتيزون
بالذات ، وقتها افتكرت المتهم و هو بيقولى ان
امه كان عندها دور برد شديد و سخونية شديدة
و عشان كده هو حقنها بالبروفين و البنادول
لكن هو مقلش انه حقنها بالكورتيزون ، استخدام
الكوتيزون او تناول الكوتيزون مع دور برد عنيف
قطعا بيؤدى للوفاة ، ده بيسبب هبوط حاد فى
الدورة الدموية و ده معناه حاجة واحدة بس
ان المتهم فعلا هو اللى قتل امه زى ما اخته
بتقول ، المتهم لعبها صح و ده طبعا بسبب
شغله كصيدلى ، فضل يحقن امه بحقن كورتيزون
لحد ما توقف الدم و معدش يوصل للمخ
و يجى لها سكتة قلبية ، بعد الكلام ده اتصلت
بالجهات المسئولة و طلبت منها التحفظ على
المتهم و ان التقرير اللى انا هحضره بيدينه
تماما و بيقول ان القضية ديه قضية قتل
و ان المتهم هو اللى قتلها ، بعدها رحت على
المكتب بتاعى و كتبت التقرير و بعته للنيابة
و بعدها طلبت من اشرف المساعد بتاعى انه
يشيل الجثتين و يرجعهم تانى للمدفن ، كنت
مرهق اوى و تعبان جدا عشان كده رجعت
راسى لورا و انا نايم على مكتبه و رحت فى
نوم عميق عشان اشوف رؤية غريبة اوى ،
كانت هى ، ايوه هى ، نفس الست اللى كانت
جثة ادامى من شوية ، كانت بتضحك جامد
من قلبها و وشها باين عليه الرضا و الاطمئنان
كانت واقفة ادامى و هى بتضحك و فضلت
تقرب منى واحدة واحدة لحد ما قالت لى ،
هات لى حقى يا دكتور ، اول ما قالت لى
كده قمت من النوم و انا لسه قاعد على
المكتب و مستغرب اللى شوفته ، رجعت
راسى لورا تانى و رحت فى النوم للمرة
التانية عشان الاقيها تانى فى الحلم بس
المرة ديه كانت قريبة اوى منى و فضلت تقرب
من ودنى عشان تهمس لى و تقولى ، هاتلى حقى
يا دكتور ، قمت بعدها من النوم للمرة التانية
و انا مش فاهم ايه الحكاية اصلا ، كنت على
وشك انى انام للمرة التالتة لكن سمعت صوت
خبطات على الباب عشان اقول ، ادخل ، عشان
يدخل المساعد بتاعى و يقولى ، دكتور رحيم
فى مشكلة عندنا ، قلت له ، ايه المشكلة يا اشرف
قالى ، جثة الست مش عايزة تتشال ، قلت له ، ايه
يعنى ايه مش عايزة تتشال ، قالى ، زى ما بقولك
كده الجثة تحس ان وزنها طن ، حاولت اشيلها
معرفتش ، جبت خمس معايا عشان يشيلوها
برضوه معرفوش ، قمت من مكتبى و رحت
على غرفة التشريح عشان الاقى جثة الست
زى ما هى على الترابيزة و مفيش حاجة متغيرة
فيها ، حاولت اشيل دراعها بس لقته تقيل اوى
كأنه مية كيلو ، انا اول مرة اشوف حالة زى
كده فى حياتى ابتدأ من شكل الجثة لحد الحلم
وصولا لموضوع شيلها ده ، ديه كانها بتقولنا
مش عايزة ارجع القبر تانى ، طلبت من كل
الللى حواليا انهم يسبونى مع الجثة شوية
و اول ما مشوا بدأت افحصها كويس ، انا فاهم
كويس اللى بيحصل ، الجثة عايزة توصلى حاجة
انا مش عارفها او مش شايفها لا يمكن كمية
المواقف اللى شوفتها دلوقتى و يكون الموضوع
صدفة ، هى قالت ، هات لى حقى يا دكتور ،
معناه ايه الكلام ده ، فضلت افحص فى الجثة
كويس لحد ما لقيت حاجة غريبة ، كان فى جرح
طوله ٤ سم كان موجود فى اسفل العنق من
تحت ، الجرح ده كان من الصعب ملاحظته
جدا ، بدات اسال نفسى ايه اللى يخلى القتيلة
تتخربش بالطريقة ديه و فى المكان ده الا اذا
كانت بتقاوم مثلا ، ايوه بتقاوم ، بتقاوم حد
كان بيخنقها ، بدأت افحص المنطقة كلها لاحظت
ان المنطقة المحيطة بفمها لحد العنق من تحت
كان لونها ازرق خفيف و فيه علامات خفيفة
لاثار صوابع معلمة على المنطقة ديه و ده معناه
حاجة واحدة و هى ان كان فيه حد بيخنقها
فعلا و بيكتم نفسها ، حد كان بيكتم نفسها
و هو بيديها حقن الكوتيزون ، اخدت عينة
من الحمض النووى للجرح ده و استنيت نتيجة
التحليل عشان الاقى مفاجاة ، نتيجة التحليل
اثبتت ان الحمض النووى اللى على جرح رقبة
الام هو هو نفس الحمض النووى اللى على
جرح ايد المتهم ، يعنى الشخص اللى قتل
الام يبقى هو هو نفس الشخص اللى خربش
ايد المتهم اللى هو الاستاذ عادل ، و بعد
الفحص و مطابقة الحمض النووى تم اكتشاف
ان الاخت هى اللى قتلت الام و الاب ، طب
ليه هى عملت كده ، بعد ما النيابة وجهتها
بالادلة و تقرير الطب الشرعى اللى اثبت انها
هى صاحبة الحمض النووى اعترفت و قالت
انها عملت كده عشان تنتقم منهم كلها ، هى
قالت الموضوع مش موضوع الجوازة اللى
ابوها رفضها لكن الموضوع ان ابوها كانت بيتحرش
بيها من و هى صغيرة و فى يوم من الايام
دخل عليها و اغتصبها و من يومها و هى بتخطط
تقتله و لما حبت واحد فى الثانوية العامة
كانت فاكرة انه هو اللى هينجدها من ابوها
عشان كده قالت له يتقدم و هى موافقة عليه
لكن ابوها و اخوها رفضوا عشان كده قررت
ان اول واحد هتنتقم منه هو الاب و كانت
عارفة انه من سنتين كان عنده دور برد شديد
و عشان كده دخلت عليه الاوضة و هو نايم لوحده
و حقنته بالكوتيزون و بعد سنتين نفس الكلام
عملته مع والدتها عشان تتهم اخوها انه هو اللى
عمل كده و تنتقم من الاتنين لكن ربنا كان بالمرصاد
تخيل عزيزى المشاهد ان حلم واحد بس هو اللى
خلى مسار القضية يبقى فى اتجاه تانى خالص
و دلوقتى فى اخر القصة انا هجوبك على
السؤال اللى قولته ، هو الجثث فعلا بتتكلم ،
ايوه هى فعلا بتتكلم ،